الحب بعيون مهرّج!
ليسَ الحبُّ أن تجـدَ نفسَكَ في الآخر ، بل هو أن تجـدَ الآخرَ في نفسِكَ، فالحبّ الأسمى يقطن عند ناصيةِ الدّربِ التي لا تنتهي ؛ فلا تسلكْ أقصـرَ الدروبِ إليهِ ..
أن تحبّ يعني أن تكون حرًّا ، فالأحرار هم وحدهم الذين يستطيعون أن يعدوا لأنّ بمقدورهم أن يفوا بالوعود ، أو يموتوا قبل النكث بها ..
وما عدا ذلك فكلّه عبوديّة ، وكذب على الذّات، وهروب نحو الوهم ، وإذمان على مخدّرات تسطيح العقول المسمّاة تقاليد وعادات ، وانانيّة مطلقة ، ونقصٌ مرضيٌّ مقيت ..
والمرضى وحدهم هم الذين يتسلّحون بالتبرير خوفًا من مواجهة واقع ضعفهم ليستمروا في التأقلم مع بيئة مريضة اعتادوا عليها وألفوها للدرجة الّتي صاروا معها يخشونَ أن تنالهم يد الله بشفاء .
نثري تحت عنوان :
دمـوعُ المهرّج
لم يَعُد في ثوب المهرّجِ خِرقٌ يُرتَقُ .. لَرُبَّ خِرقٍ قَدْ صارَ ثوبًا ..
فهلْ لي بعدُ يا طِفلتي أن أزرعَ وجهَكِ ابتساماتٍ تُرَوّيها دموعي ؟! ..
وأنفي الأرجوانيُّ الذي لطالما توهّجَ كي يوقدَ بريقَ عينيكِ ، ما عادَ ليُفلحَ لكثرةِ ما جدَعَتْ كفُّكِ اللاهيةُ أرنَبةً فيهِ ، فابيضَّ عَن رؤيةِ عطركِ ، وهو الذي جهِدَ من كلِّ روضٍ يجمعكِ…
أَيَصلحُ المهرّجُ بلا ثوبِه المرقّعِ بألوانِ قوس قُزَح ؟! أتُراهُ بلا أنفٍ يموت ؟…
لا .. لا … ما كان ليموتَ المهرّجُ !! ..
فهو يحيا على وقعِ ضحكاتكِ ، المُبحِرةِ في زرقةِ شرايينهِ نبضَ وجود ..
سيقفُ عاريًا مِنَ الألوان ، سيخلعُ جسدَهُ المتعرّقَ شَبَقًا ، ويخبّئ في ذاكرةِ النّشوةِ ثلاثيةَ اللّيلاك والأوركيدِ والتّبغِ .. وصلاةِ قُبلٍ في رحلةِ الشفةِ الظّمأى بين نبعين ..
وسيعمدُ إلى ما اختزنَتْ سطورُ رئتيه مِنْ كلِّ شذىً فيكِ ، ليقلّبَ مع كلّ شهيقٍ وزفيرٍ صفحاتِ عطركِ المخزون بينَ دفتيّ الرّوح .. وسيبكي كثيرًا كي تضحكي …
فاضحَكي ثمّ اضحَكي ..
تعالَيْ معي يا طفلتي ..
سنقفزُ الحبلَ سويّةً ، لتفرحي كثيرًا من تعثّري أمامَ رشاقتِكِ ، فانظرَ إليكِ مأخوذًا بكِ ، وفي سرّي ضحكةٌ تبعثها بهجتُكِ لتُنسيني ألمَ التعثّرِ ..
تعالَيْ .. لنلعبَ لعبةَ الاختباءِ ، فأمثّلَ دورَ الجاهلِ بمكانكِ حتّى يتسنّى لكِ الانتصارُ عليّ ضاحكةً ، وأبقى أنا مَن عليهِ أن يُغمضَ عينيهِ دومًا كي تختبئي وأبحثَ عنكِ وانتِ السّاكنةُ في أمِّ عيني ، ولكنّي أجتهدُ بحثًا كي تسري في روحي بهجةُ انتصارك عليّ ..
تعالَيْ .. لأداخلَ بينَ خصلِ شعرِكِ ، فأصنعَ لك ضفيرةَ السّنبلةِ التي تحبّين ، أو ضفيرتين تنسدلان فوق كتفيكِ ، لتشاركاكِ ضحكاتكِ وأنتِ تتراكضين امامي ، وتهزئين مِن عجزي عن اللّحاقِ بكِ ، ثمَّ تعودين نحوي إذا ما رأيتِ انعكاس ظلِّكِ في صفحةِ النّهرِ لتسخري منّي كَم أني في الضفائرِ جاهلٌ ! …
وتؤنسني في سرّي سخريّتكِ ، لِكَوْني تعمّدتُ ان لا يغوصَ المشطُ عميقًا بين غدائرِ شعرِكِ ، غيرةً منهُ عليكِ ، وخوفًا من شعورِكِ بالألم ..
تعالَيْ لتتأكّدي يا حبيبتي … أنّهُ ليسَ يموتُ المهرّجُ وفي عينيهِ من الدّمع ما يكفي ، ليروي في قلبِكِ ضحكاتٍ بها يحيا …
فاضحكي كي لا أفنى ..
واضحكي ثمّ اضحكي ..
تعليقات
إرسال تعليق