الربيع والثمار
بسم الله الرّحمن الرّحيم
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (سورة البقرة 260)
هذا مثالٌ يضربه الله للنّاس ليبيّن انّ مصداق القول هو الفعل الذي يتجسّد محسوسًا على ارض الواقع .
ربيعٌ أثمرَ يبابًا
في تسعينيّات القرن الماضي بدأ الحزب الشّيوعي الحاكم في الصّين ، تنفيذ سياسة اقتصاديّة نهضويّة بما يتوافق مع تحدّيات الألفيّة الثالثة ، وقد قسّمت أهدافها على مراحل زمنيّة ، كان في إطارها وضع مشروع القضاء على الفقر المدقع في البلاد منذ ثمان سنوات ورصد لهذا الغرض مبلغ 300 مليار دولار .
اليوم احتفلت الصين بالوصول إلى مستوى صفر من الفقر المدقع بعدما تمّ رفع مستوى معيشة 760 مليون صيني في بلد يبلغ تعداد السّكان فيه أكثر من مليار وأربعماية مليون نسمة ، وبكلفة لم تتجاوز 246 مليار دولار أي أقلّ من المتوقّع بـ 54 مليار دولار.
وقد تحقّق هذا الهدف من خلال :
ـ تنمية المناطق الريفية وتأمين كافّة أنواع الخدمات فيها.
ـ المكننة الزراعيّة الشّاملة وتطوير الإنتاج الزراعي .
ـ تنفيذ استثمارات صناعية ضخمة في المناطق الأكثر فقرًا .
ـ تنظيم قرى حضريّة بمحاذاة المدن الكبرى لمعالجة مشكلة العشوائيّات التي كانت منتشرة نتيجة النزوح الرّيفي.
ـ تطوير السّياحة في الأرياف وإنشاء شبكة مواصلات متطوّرة .
وبالتاالي أصبح جميع الصّينيّين اليوم ينعمون بشبكة الأمان الاجتماعي ، في دولة يحكمها نظام شموليّ لا يؤمن بحريّة الرأي والتعدديّة السّياسيّة ، والسّاسة فيه من أصحاب " اللّسان الخشبيّ " ، مستعيرًا هذه العبارة من كبير فاسدينا الّذي علّمهم السّحر .
وفي المقابل؛
واعتبارًا من تسعينيّات القرن الماضي ، حصل الأمر عينه ، اي إطلاق خطّة تنمويّة شاملة تقوم على إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي في نقطة على خارطة العالم ، تعادل ربّما في مساحتها وتعداد سكانها إحدى المناطق أو القرى الصّينيّة .
نقطة على خارطة العالم ، لا يتجاوز عدد سكانها 5 ملايين نسمة ، وتزخر بالألقاب البرّاقة : "جبل الآلهة"، "بلاد الأبجديّة"، "موطن أرز الرّبّ"، "الصّخرة المعلّقة بالنّجوم"، " بلد الإشعاع الحضاريّ"، " سويسرا الشّرق" ، و… و… و… ما شئتم من مسمّيات تلقنّاها منذ نعومة أظافرنا ورددناها بكلّ سذاجة ، وأنشدناها كالببغاوات…
وتشاء المصادفة اليوم أن تحتفل الصين بالقضاء على الفقر المدقع وتحقيق النموّ الشامل بكلفة 246 مليار دولار ، بينما تتمخّض منجزات خطّة " البلد الأسطوريّ"، والتي بلغت تكلفتها غير الرسميّة حتى الآن ـ بين دين، وهدرٍ ، وفساد ، وأموال مهرّبة ، وقروض ميسّرة ، وهبات ، ومساعدات ـ ما يقارب 400 مليار دولار ، لتنجز التّالي :
ـ اندثار الطبقة الوسطى بالمطلق .
ـ رزوح أكثر من مليوني نسمة تحت خطّ الفقر .
ـ تحوّل أكثر من مليونين ونصف مليون مواطن لفقراء.
ـ تقلّص المساحات الخضراء .
ـ تقلّص دخل الفرد إلى ما دون 800 دولار سنويًّا.
ـ تردّي الخدمات العامّة لدرجة انعدام بعضها كلّيًا.
ـ تخلّف المستوى التعليمي العام عن واقع التطوّر العلميّ في العالم ، بمعدّل 10 سنوات.
ـ تسجيل أعلى نسبة إصابة بالسّرطان في الشّرق الأوسط .
ـ سيادة الطّائفية والمذهبية والعشائريّة في المجتمع.
ـ توسّع العشوائيّات ، وانتشار ظاهرة سكّان الأرصفة ومتسوّلي الطّرقات .
أمّا أبرز الإنجازات العظيمة :
ـ السّعي لإلغاء الطائفيّة من النّفوس قبل النصوص .
ـ ابتكار فكرة سياسيّة جديدة بأنّ المؤهل لتولي المناصب الأولى بحسب تراتبيّة المناصب، هو : أقوى مسيحي ، أقوى شيعي ، أقوى سنّي ، أقوى درزي .
ـ استقلاليّة القضاء عن استقلاليته ، وإتباعه لمبدأ المحاصصة المذهبيّة .
ـ تقاسم الأجهزة الأمنيّة .
ـ تقاسم المرافق العامّة .
ـ تقاسم النفوذ الخارجي وتوزيعه مناصفة بين مكوّنات البلد الأعجوبة .
ـ تقاسم السٌرقات ، وتوزيع الفساد بالتّساوي .
ـ نشر ثقافة الرشوى ، والواسطة ، والمحسوبيّة على كافّة أطياف وفئات المجتمع .
ـ تقاسم وسائل الإعلام(السّلطة الرّابعة) وتحويلها إلى سلطة أمّ أربعٍ وأربعين.
ـ إفراز الكثير من المحلّلين والاستراتيجيّين ومرتزقي الكلام ، وعاهري الفكر والأقلام .
وهذا غيض من فيض ما أنجزه بلد الكذبة المستنسخة منذ عهد القائمقاميّتين إلى اليوم.
ملاحظة تاريخيّة :
في الضاحية وتحديدًا في منطقة الشياح شارع يُسمّى شارع عبد الكريم الخليل ، وهو واحد من الذين كانوا يقاومون سرًّا الاستعمار العثماني وأعدم مع مجموعة من الذين كانوا يسعون للتحرّر من نير السلطنة العثمانية ، على يد جمال باشا ، ولكن ما لم يتم تدريسه لنا في كتب التاريخ ، ربما لأنّه سقط سهوًا أو لإنّه حذف عمدًا ، أنّ من أفشى سرّ عبد الكريم الخليل (ابن الضّاحية) ورفاقه هو أحد اجداد من شعروا أنّهم يمسّون بوطنيّتهم وحضارتهم عندما جاؤوا إلى الضاحية…
لم يكن جمال باشا يعرف بأمر الأحرار لولا أنّ فيليب زلزل كبير التراجمة في القنصلية الفرنسيّة في ظلّ الاستعمار العثماني هو ومن معه من المقربين من القنصل فرنسوا بيكو آنذاك قاموا بتسليم جمال باشا لائحة بأسماء من كانو يعملون سرًّا وبمساعدة الفرنسيّين للإطاحة بالحكم العثمانيّ ، وذلك بعدما كانت كفّة الحرب تميل لصالح الأمبراطوريّة العثمانيّة في مرحلتها الأولى ، فسعوا بفعلتهم هذه التّقرّب من العثمانيّين حفاظًا على مكتسابتهم ، وللمفارقة عادوا هم أنفسهم للعمل مع بيكو بعد هزيمة العثمانيّين، وأفشلوا عمل كينغ كراين (هههههههههه).
…م.س…
ضجيج وأنا
تعليقات
إرسال تعليق